حكم احياء ليلة القدر  

 

 يتبادر إلى أذهان الكثيرين حكم الاحتفال بليلة القدر؛ حيث أنها تعد ليلة القدر من أكثر الليالي المميزة في العام الهجري في شهر رمضان، فقد جاء ذكرها في القرآن الكريم أنها ذات شأنٌ عظيم.

هذا، وقد ذكرها في السنة النبوية الشريفة أيضاً؛ حيث ورد أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه“.

ما حكم الاحتفال بليلة القدر؟

من المعلوم أن ليلة القدر هي أحد أوتار (الليالي الفردية) العشر الأواخر من شهر رمضان وخير دليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم “التمسوها في العشر الأواخر في الوتر منه“، وفيما يلي سنتعرف إلى حكم الاحتفال بليلة القدر:

كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من العبادات من صلاة، وقراءة قرآن، ومن الصدقات إلى غير ذلك من وجوه البر.

كان النبي صلى الله عليه وسلم في العشرين الأول منه ينام ويصلي فإذا دخل العشر الأخير أيقظ أهله، وشد المئزر، وأحيا ليله، وحث على قيام رمضان وقيام ليلة القدر، وعلّم النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها الدعاء الذي تدعو به في هذه الليلة العظيمة، والدليل على ذلك، الحديث الذي ورد في مسند أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا نبي الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: تقولين “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني“.

ومن هنا يتضح أن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، وأما الاحتفال بليلة القدر عن طريق القيام بأي احتفالات أو أعمال أخرى فهو مخالف لهديهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يرد أنه قد احتفل بليلة القدر ومن هنا يكون الاحتفال بها على غير ما ورد منه صلى الله عليه وسلم.

حكم الاحتفال بليلة القدر في المسجد

يجتهد المسلمون في ليلة القدر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان النبي يجتهد في العبادة فيها أكثر من غيرها وخير دليل على ذلك الحديث الذي ورد عن عائشة رضي الله عنها “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله“؛ لذلك سنقدم لك فيما يلي حكم الاحتفال بليلة القدر في المسجد:

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” بمعنى أن يتبع المحدث في هذه الليلة هدياً غير الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان هدي النبي في هذه الليلة يشمل” أنه يُحي ليله، ويوقظ أهله”.

إحياء ليلة القدر أو إحياء بعضها بما لم يُحيها به النبي صلى الله عليه وسلم يعد من البدع في الدين؛ لذلك فإنه يُخشى على من قام بالاحتفال في هذه الليلة أن يكون قد فوت على نفسه الاستفادة من ليلة القدر عندما يقوم بعمل مردود عليه.

هل يجوز صلاة ليلة القدر بعد آذان الفجر؟

إذا كنت من الأشخاص الذين يتساءلون عن حكم صلاة ليلة القدر بعد آذان الفجر، فإننا سنجيب لك فيما يلي عن هذا السؤال:

لا يجوز صلاة ليلة القدر بعد آذان الفجر؛ حيث إن وقت صلاتها الصحيح الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو بعد انتهاء صلاة التراويح، فبعد الانتهاء من صلاة التراويح يمكن للعبد المسلم قضاء الليل حتى آذان الفجر في صلاة ليلة القدر.

أيضاً يُفضل أن تقضى الصلاة الفائتة للمصلي قبل أن يشرع في أداء قيام ليلة القدر، ثم يتجه إلى الإكثار من التسبيح والدعاء خلال قيامه، بجانب قراءة القرآن الكريم؛ حيث إن القرآن هو النور الذي ينير القلب والروح.

يجب عليك أيها المسلم أن تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاة الوتر في ليلة القدر ركعة، أو خمس ركعات، وهو إلى ذلك كان يكثر من التسبيح، والاستغفار مع تلاوة القرآن في هذه الليلة.

كذلك، يجب على العبد المؤمن أن يخلص النية لله عز وجل في قيام ليلة القدر، ولا يكون من الذين يقومون تلك الليلة حتى يتمكنوا من تحقيق المطالب الدنيوية.

إحياء ليلة القدر في البيت

يحرص الكثير من المسلمين على إحياء ليلة القدر في البيت بهدف التقرب إلى الله تعالى ونيل ثواب وفضل هذه الليلة العظيمة، والاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

هذا، ويستحب للمسلم أن يُحي ليلة القدر في البيت عن طريق الآتي:

القيام، على العبد المؤمن أن يصلي قدر ما يشاء من الركعات حسب مقدرته، ويتقرب إلى الله مع الحرص على الخشوع في الصلاة؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على صلاة إحدى عشرة ركعة ولكن هذا ليس تحديداً للزيادة فالأمر مفتوح فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يصلون عشرين ركعة.

الدعاء، فقد ورد الدليل عن النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني“.

الإكثار من تلاوة القرآن وذكر الله تعالى، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في قراءة القرآن والصلاة والدعاء، وقد جاء في البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم “كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر“.

زيادة على ذلك، فإنه لا بد للمسلم أن يغتنم ليلة القدر بالتوبة والإكثار من التسبيح والدعاء، وسؤال ربه العتق من النار، والتعوذ منها؛ حيث إن الدعاء في هذه الليلة يستجاب؛ لذلك فإن الاجتهاد فيها مرغوب.

هل يجوز للحائض قيام ليلة القدر؟

هذا السؤال يُحير كثيراً من النساء، ولكن عليهن العلم أن قيام ليلة القدر ليس مقتصراً على الصلاة التي لا تتمكن الحائض من أدائها؛ حيث إن هناك عبادات قد حددها العلماء يجوز للحائض أن تفعلها، ولا إثم عليها مثل:

ترديد الأذكار.

التسبيح.

التحميد.

التهليل بقول لا إله إلا الله.

الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن الجدير بالذكر، أنه كي تنال المرأة الحائض أجر قيام ليلة القدر فعليها أن تنوي أولاً أن ما تفعله في هذه الليلة المباركة هو بنية إحيائها؛ حيث رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى“.

فمن خلال الحديث يتضح أن من نوى عملاً صالحاً فمنعه من القيام به عذر فإنه يُثاب عليه.

ما هي أعمال ليلة القدر

هناك مجموعة من الأعمال التي يُستحب للمسلم القيام بها في ليلة القدر المباركة؛ حيث إن من أدركها ولم يُقيمها فقد حرم نفسه من الثواب العظيم؛ لذلك لا بد للعبد أن يحرص على طاعة الله في ليلة القدر إيماناً منه، وطمعاً لنيل أجرها العظيم من الله عز وجل.

هذا، ومن أبرز أعمال ليلة القدر:

الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبره.

الإكثار من الأدعية التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم صحابته مثل “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني“.

الاجتهاد في القيام والتهجد والصلاة؛ فمن قامها مؤمناً بوعد الله بالثواب وطالباً الأجر غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ حتى يكون المعتكف متحقِّقاً من إدراك ليلة القدر، ويكون مقتدياً ومتأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

في أي ليلة من شهر رمضان نترقب ليلة القدر؟

نترقب ليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من شهر رمضان خاصة ليلة سبع وعشرين، وإحدى وعشرين.

ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر؟

الحكمة من إخفاء ليلة القدر هو الاجتهاد والإخلاص في طلبها في كل ليالي العشر الأواخر.