دكتور عدنان ملحم
• الجدة نبيهة الهنيدي :- السلام على روحك في العلا . قبل سبعون عاما حاصرت العصابات الصهيونية اللد وقتلت الأطفال والشيوخ والنساء ببث مباشر لأهداف الخوف والرعب . وتحت أزيز الرصاص طردت الأهالي من بيوتهم . خرجت معنا إلى صحراء التيه . طوفان من الخائفين ساروا في الطرقات .تهت عنا ربما من أثر التعب ربما من خيوط الحزن ربما من لهيب الشوق ربما من جهنم الشمس .
سألنا عنك كل الأمكنة وظلال الشجر وعتبات المنازل الحزينة .
• لا أحد شهد بأنه رأى امرأة كانت تعشق التراب وتحب المطر وتهيم عشقا لكل مسميات و شخوص مدينتها .لا أحد سمع أيقونة أنثوية كانت تغني لفلسطين والثوار والبنادق والبيارق. لا أحد شاهد سيدة تحمل في عنقها مفاتيح غرفة جرار الزيت وأكياس القمح الأصفر والشعير الماسي والعدس المموج الألوان . وغرفة الأنعام بمختلف أصنافها ومسمياتها .
• يا أم أحمد لم نسمع صوتك عندما قلت "لا تخرجوا من بيوتكم موتوا فيها " كأنك كنت ترين النهايات قبل موعدها ".
• يا ام أحمد لم تصل جيوش العرب حتى اليوم ، وصلت النياشين والشهادات والرتب .
لم تطبق القرارات والتوصيات ولم تنفع الخطابات والشعارات والأناشيد والمظاهرات والاعتصامات والاحتفالات الجماهيرية والتنكرية.
• يا ام أحمد كيف خرجت من مسار طريق الخائفين كيف ضعت من مرمى عيون الاحبة .
عدنا إليك نبحث عنك ووجدناك تستلقين إلى جذع نخلة باسقة الظلال ، عيونك شاخصة باتجاه بيتك الحزين . اغتالك العطش والجوع والألم الأسود . وبالقرب من مكان مولدك حفرنا مقر إقامتك السرمدية . ووارينا التراب على جثامين العشرات من سكان المدينة :- طفلة اخترق الرصاص رأسها .عجوز استقرت الرصاصة في وسط قلبه . صبية عانق الدم مساحات فستانها الأبيض الناصع .
• يا ام أحمد خانك مثل ما خاننا زعماء الميكروفونات وأحزاب الورق المنقسمة بين الزعماء وعائلاتهم . خانك مثل ما خاننا رجال الانتداب البريطاني وزواره المنتفعين . خانك مثل ما خاننا من تجاهل مشروع القتلة المغتصبين وفشل في ان يكون على مستوى فهم الحدث والواقع والمستقبل .
• يا ام أحمد ماذا نقول لك " اضعنا البلاد والعباد وخذلنا التاريخ والجغرافيا وآيات الرباط والخيل والاستقامة والإرادة والصبر .
• يا ام أحمد نامي ولا تستيقضي فكأن تموز استشهادك لم يرزح موقعه بعد .
"واقعة حقيقية و نص يجسدها من د. عدنان ملحم " •
دكتور عدنان ملحم
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |