تلفزيون نابلس
"مسمار جحا" في خاصرة نابلس: هل تعيد "إسرائيل" احتلال قبر يوسف؟
3/9/2025 2:05:00 AM

نواف العامر- دعوات مكثفة ومتصاعدة من قادة الاستيطان وحاخامات بمستوطنات الضفة، من أجل إعادة احتلال قبر يوسف، الواقع في المنطقة الشرقية من نابلس، تزامنًا مع تصعيد اقتحامات جيش الاحتلال للمنطقة، التي تحولت إلى منطقة مواجهات مشتعلة بشكل شبه يومي.

ويتعرض قبر يوسف لاقتحامات المستوطنين المتكررة، في محاولة لتكريس الوجود اليهودي بالمكان.

وشهدت ليلة الإثنين الماضي، مشاركة المجندة الإسرائيلية المفرج عنها من أسر المقاومة بغزة أجام برغر، برفقة والدتها ميراف، ورئيس مجلس "مستوطنات السامرة " يوسي داغان، والحاخام إلياكيم ليفانون.

وفي تعبيرات عن الرغبة المستعجلة لاحتلال المكان وجهت برغر رسالة قالت فيها "ليكن لنا الشرف أن نصل إلى هذا المكان المقدس، ليس في جنح الليل فقط".

وسبقت الاقتحام المثير للموقع، إعلانات متطرفة للمشاركة الحاشدة فيه، تحت شعار "عائدون إلى قبر يوسف ومنتصرون على الإرهاب".

فيما ذكرت صحيفة كيكار هشابات الإسرائيلية "تحت الرادار وأمام أنظار الطبقة السياسية، تحرك المستوطنون لإقامة وجود دائم في قبر يوسف، بعد 25 عاما من خروج جيش الاحتلال، حيث بادر المستوطنون إلى التحرك للعودة إليه".

ووفق الصحيفة، فإنه تحت غطاء عدوان الاحتلال على شمال الضفة الغربية، تعمل شخصيات بارزة من المستوطنين على الترويج للوجود اليهودي في قبر يوسف، ومن بين المبادرين إلى هذه الخطوة الحاخام دودو بن ناتان، رئيس معهد "بري هآرتس" الديني في (راحيل)، وعضو الكنيست السابق تسفي سوكوت من الصهيونية الدينية.

تواجد يهودي دائم

وحسب الصحيفة فان الحاخام دودو يدبر خطوة يكون بموجبها تواجد يهودي دائم في منطقة قبر يوسف ويدعي "حتى بموجب اتفاقيات أوسلو الوهمية قبر يوسف ملك لنا".

وقال تسفي سوكوت إن "دولة إسرائيل تخلت عن قبر يوسف، وتركته لحشد من العرب الذين قاموا بأعمال شغب فيه، وسنكون في نابلس، في قبر يوسف، بحضور دائم لليهود في هذا المكان الذي هربنا منه، سوف نعود إلى هناك، وفي أقرب وقت ممكن.

ويعتبر مراقبون أن قبر يوسف بات "مسمار جحا الإسرائيلي" الذي غرس في نابلس، تحت ذرائع دينية وسياسية وأمنية واهية، من أجل بسط السيطرة على المنطقة، وإرضاء المستوطنين.

دعوات قديمة جديدة

محافظ مدينة نابلس غسان دغلس قال في حديث له إن الدعوات لاحتلال القبر جديدة قديمة، وتحمل أطماع عقليةٍ متطرفة، في ظل حكومة تطرف مدعومة أمريكيا، وفي وقت يلف الصمت العالمي والعربي كل التفاصيل، بينما الوحدة الفلسطينية غائبة.

وأردف دغلس أن قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال بالأصل مستوطن، وهناك رؤى عدة للمستويات السياسية والعسكرية والأمنية بشأن قبر يوسف، ولا يمكن التكهن بما يمكن أن يقدموا عليه.

تغييرات هيكلية

بدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية، تعارض احتلال قبر يوسف، لكنها لا تتحكم بالمستوى السياسي الذي تقوده قوى تحمل رؤى متطرفة دينية، كسرت معايير أساسات التوازن بين الفلسطيني والاحتلال.

ويضيف بشارات "يتضح من السلوك الحالي محاولة تعزيز مفاهيم الأيديولوجيا والاستيطان المتسارع والاقتحامات، كعناوين تطرف، ولا يُستبعد معها إقامة بؤرة استيطانية، أو على الأقل منطقة عسكرية في قلب أحياء نابلس الشرقية، وتحديدا منطقة قبر يوسف".

ويرجح بشارات احتمالية احتلال القبر، من ضمن التغييرات الهيكلية الجغرافية التي أحدثها الاحتلال في مخيمات جنين وطولكرم، والتي قد تمتد لإجراء تغييرات هيكلية مماثلة في نابلس، يبنى عليها العودة لاحتلال المكان.

ووفق الإعلامي والكاتب سامر خويرة، فقد اتخذ الاحتلال مؤخرًا قراره بالسيطرة ووضع اليد على كافة المناطق السياحية والأثرية في مناطق ج و ب، ولا يتوانى عن الذهاب إلى المنطقة أ بشكل تدريجي.

ومن المواقع المخطط للسيطرة عليها واحتلالها، وفق حديث خويرة قبر يوسف خاصة، ومقامات كفل حارس بمنطقة سلفيت وغيرها، "بينما وضع الاحتلال نصب عينيه ممرًا آمنًا للمستوطنين من حاجز بيت فوريك حتى قبر يوسف، وقد يطبق فعليا لبسط السيطرة".

من جانبه، يرى المحلل السياسي سامر عنبتاوي، أن قبر يوسف وغيره تمثل الحلقات التي يخطط المحتل النفوذ من خلالها للمدن الفلسطينية، لتكون مسمار جحا وفق مخطط واضح أعد مسبقا.

ويضيف عنبتاوي أن مدينة نابلس تقع ضمن المطامع التوراتية كمنطقة مفضلة، وكل عيون المخططين مسلطة عليها، بدعم من حكومة متطرفة فاشية تشكلت أصلا للانقضاض على الضفة وضمها وعزل قطاع غزة بعد خنقه وتدميره.

ويتفق عنبتاوي مع سابقيه، بعدم استبعاد استغلال الوضع الحالي، من استهداف مخيمات الشمال، الذهاب لاحتلال قبر يوسف وبسط السيطرة عليه، معززا بمطالب غلاة المستوطنين.

تصعيد ومواجهات

وتوقع عنبتاوي أن المنطقة مرشحة للتصعيد، الذي تؤيده المواجهات مع الجيش والمستوطنين مع كل اقتحام تكون نتيجته شهداء وإصابات، مشيرا إلى أن الأمر ينطبق على عديد المواقع والأماكن المشابهة بالضفة، في محاولة لإعادة هيكلتها وضمها أو أجزاء منها.

ويوجد "قبر يوسف"، في الطرف الشرقي لنابلس الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، ويعتبره اليهود مقامًا مقدسًا منذ احتلال "إسرائيل" للضفة الغربية عام 1967.

ومنذ ذلك الحين أصبح "القبر" وجهة دائمة للمستوطنين للصلاة فيه وإقامة الطقوس التلمودية، وفي العام 1986 أنشأ الاحتلال في المقام مدرسة يهودية لتدريس التوراة.

وفي عام 1990 تحول القبر إلى نقطة عسكرية يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي ذات العام صنفت وزارة الأديان الإسرائيلية القبر وقفا يهوديا.

واضطر الاحتلال للانسحاب من المقام، وقام شبان فلسطينيون بتدمير أجزاء من القبر لكن السلطة الفلسطينية قامت بترميمه فيما بعد.

ومنذ ذلك الحين يخضع القبر للسلطة الفلسطينية، غير أنه بقي نقطة صراع دائمة.

وشكّل "قبر يوسف"، خلال السنوات الأخيرة، عنوان صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأسبوعيا يؤدي مئات المستوطنين طقوسا دينية في المقام بعد اقتحامه بحماية من الجيش الإسرائيلي ليلا.

وعادة ما تندلع مواجهات بين عشرات الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي.

وفي عام 2015 أحرق فلسطينيون المقام، ورفعوا العلم الفلسطيني عليه، ردا على استمرار المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى، غير أن السلطة الفلسطينية عملت على إعادة ترميم المقام، وفرضت إجراءات أمنية مشددة في محيطه.

وأكد مختصون في التاريخ والآثار، خلال ندوات عقدت خلال السنوات الماضية في نابلس، أن المقام وقف إسلامي، ومسجل في الأرشيف العثماني، ولا دخل لليهود فيه، ويعود عمر القبر إلى 200 عام ليس أكثر.

وبين مختصون أن هناك عدة مقامات حملت اسم سيدنا يوسف، في مصر، وجنوب لبنان، وفلسطين بمنطقة جب يوسف، في جنين ونابلس والخليل وهذا دليل على أنها تسميات لا علاقة لها بالواقع أو الحدث.

وبين المختصون أن الناس كانوا يطلقون أسماء الأنبياء على المقامات تقديسا لهم، لا أكثر.

-وكالة سند للأنباء-


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة