تدحرجت خلال الأيام القليلة الماضية حالة سعودية دبلوماسية وسياسية وأمنية تندفع بسبب حسابات دقيقة للتواجد أكثر في عمق المشهد السوري وسط تساؤلات يطرحها الدبلوماسيون الأجانب في دمشق حول خفايا ووقائع الرؤية السعودية في ملف الاشتباك السوري.
ويبدو أن المؤسسة السعودية “طوّرت” بهدوء وبدون ضجيج إعلامي حالة تفاعلية فكرتها وبأوامر مباشرة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “التواجد في أقرب مسافة ممكنة من المطبخ” الجديد في دمشق.
من هنا يفسر دبلوماسيون وجود بعثة سعودية نشطة جدا الآن في دمشق تضم ما لا يقل عن 40 خبيرا على الأقل يتواجد معظمهم في فنادق مهمة في العاصمة السورية.
السعودية أبلغت جهات قطرية وتركية بأنها ترغب في التنسيق معها أكثر في الأسابيع المقبلة بشأن كيفية دعم الشعب السوري والتموقع السعودي في الانفتاح على حكام دمشق الجدد بات حديث الدبلوماسيين الغربيين تحديدا الذين يتوافدون إلى دمشق فيما العاصمة الأردنية عمان أخذت علما مسبقا بأن الرياض تريد “إرسال مساعدات” للسوريين وتستخدم المعابر الأردنية في “تعزيز طاقمها”.
تشير مصادر خاصّة لـ”رأي اليوم” بأن المؤسسة السعودية “تتقارب” من “الخط التركي” في سورية بخطوات واسعة وملحوظة لا بل تجهز لـ”الانخراط” في بعض التفاصيل ووجّهت رسائل ناعمة للمجموعة التي تمثل هيئة تحرير الشام الحاكمة.
الأهم الرياض تستعد لمنافسة الدوحة في التواجد في مفاصل محددة من المشهد السوري، وهذا الوضع وفقا لخبير دبلوماسي غربي استمعت له “رأي اليوم” يعبر عن براغماتية تحاول تجاوز مخاوف التعامل مع “فصائل سلفية أو جهادية” موجودة بكثرة في دمشق وبقية المدن السورية هذه الأيام.
ويدلل بعض المختصين بالإشارة إلى “طاقم ضخم” يمثل الإعلام السعودي يتحرّك بنشاط الآن بتوجيهات وتعليمات في كل أروقة التغطية الصحفية وعلى رأس الطاقم فريق كبير يعمل مع فضائية العربية وتجهيزات بث وبرامج تُثبت أن الفريق الإعلامي السعودي مهتم بالبقاء لفترة طويلة.
ويعني ذلك أن السعودية تتعامل مع “قوى الأمر الواقع” في سورية وهي تبتعد عن موقفها الذي برز في اجتماعات العقبة مع بداية استقرار الثورة السورية في خطوات جعلت الإمارات تحديدا في منطقة الدعوة إلى “عمل مضاد” في دمشق والعمق السوري ضد الثورة.
لكن الحِرص السعودي على التواجد سياسيا ولوجستيا واستخباريا في المساحة السورية الآن يقدّر خبراء أن مردّه جمع المزيد من المعلومات عن بقايا المجموعات المسلحة المعارضة الجهادية التي أرسلتها السعودية أساسا قبل أكثر من 13 عاما إلى سورية في بداية الربيع العربي.
تتحدّث التقارير الباطنية العميقة عن وجود ما لا يقل عن “5 آلاف سعودي” من التيارات السلفية والجهادية في عمق بنية فصائل هيئة الشام الآن هؤلاء يشكلون خطرا داهما على الحساسات السعودية خصوصا مع وجود تعبيرات وامتدادات غامضة لهم في الأراضي السعودية.
ثمّة ما يوحي أن المؤسسة السعودية تريد أن تقترب من الملف السوري حتى تكون مطلعة أكثر على خيارات نحو 5 آلاف من مواطنيها الموجودين في إدلب منذ أكثر من 12 عاما وبعضهم يعمل ضمن أطر المعارضة التي تحكم وبعضهم الآخر اصطادتهم السلطات التركية.
هؤلاء موصوفون بأنهم يشكلون المجموعات التي سبق أن أُرسلت لسورية عام 2011 ضمن معطيات برنامج شهير للأمير بندر بن سلطان.
سما نيوز
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |