كُشِف النقاب اليوم الأحد في تل أبيب عن أنّ الأغلبية الساحقة من كبار جنرالات جيش الاحتلال الإسرائيليّ تسعى لإنهاء الحرب على الجبهة اللبنانيّة، من أجل دفع العجلة باتجّاه وقف العدوان على قطاع غزّة وإطلاق سراح الرهائن المُحتجزين هناك، ولكن مع ذلك، كما أكّد مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، فإنّه على الرغم من الضربات القويّة التي تلّقاها (حزب الله)، ما زال يُحارِب ويُقاوِم، ولذا يجب توجيه ضرباتٍ أخرى للحزب بالقرب من نهر الليطاني، والبقاع وبيروت بهدف ردعه، على ما نقل عن مصادره الأمنيّة الرفيعة.
في السياق عينه، ونقلاً عن مصادر أمنيّةٍ وُصِفَت بأنّها واسعة الاطلاع في تل أبيب، أكّدت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ حزب الله لديه ما يكفي من الصواريخ لإرسال ملايين المستوطنين الإسرائيليين إلى الملاجئ كلّ يومٍ، مشددةً في الوقت عينه على أنّ هذا الأمر يشكّل إنجازًا يُنهك الإرادة الإسرائيليّة، وسيؤدّي إلى تخفيف مطالب دولة الاحتلال في المفاوضات بين الطرفيْن، طبقًا لأقوالها.
من ناحيتها لفتت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيّة إلى أنّ مسؤولين أمنيين إسرائيليين يخشون حرب استنزاف بحال توسعت العمليات العسكرية في لبنان، ورأى هؤلاء المسؤولون أنّ توغل إسرائيل في لبنان، للضغط على حزب الله بشأن التسوية هو أمر محفوفٌ بالمخاطر.
ونقلت الصحيفة الأمريكيّة عن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، اللواء عاموس يدلين، قوله: “إننا نخسر فرصًا لاستغلال إنجازاتنا ضد حزب الله”. وأضاف محذرًا: “إذا طال انتظارنا، فقد يبني حزب الله قدراته ويرفض وقف إطلاق النار”، على حدّ تعبيره.
كما أقر، يوم أمس، اللواء احتياط إسرائيل زيف، وهو قائد شعبة العمليات سابقًا، في سياق حديثه للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، بأنّ: “حزب الله يتعافى. لذلك، شروط الاتفاق السياسيّ من ناحية إسرائيل تنخفض، وما كانت تستطيع إنجازه أمس لن تستطيع إنجازه اليوم أوْ غدًا”. واعترف بأنه ما: “لم يُعط حزب الله تنازلًا وإنجازًا معيّنًا، فلن يهتم بالتسوية، ولن يبقى هناك من يمكن التحدّث معه”، على حدّ قوله.
في سياقٍ ذي صلةٍ، أبدى مسؤولون إسرائيليون في مدينة حيفا تخوفهم من صواريخ ومسيّرات حزب الله التي تتساقط بشكلٍ متزايد في المدينة.
وفي هذا العجالة، قالت وسائل إعلام إسرائيليّة إنّ حزب الله ينفّذ تهديده بأنّ “ما يسري على كريات شمونة سيسري على حيفا، وفعلًا يُمطر المدينة بالصواريخ ويرسل سكانها إلى الملاجئ”.
وقال موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ إنّ وتيرة قصف حزب الله نحو مدينة حيفا آخذة بالتصاعد، وسكانها يخشون من أنّ الأسوأ ما يزال أمامهم، فالجميع يحذّر من المجهول.
وفي هذا الإطار، قال رئيس السلطة المحلية في حيفا، يونا ياهاف، خلال حديثه للموقع العبريّ “إنّ الشعور في الشارع محبط، كلّ شيءٍ فارغ وحركة المرور قليلة والتجارة ليست في النطاق الذي نعرفه والأشخاص يخشون الخروج، كما أنّ الفنادق الصغيرة في المدينة على مشارف الانهيار”، على حدّ تعبيره.
وتطرّق لقضية الهجرة من المدينة التي بدأت تتجلى شيئًا فشيئًا، قائلاً: “مسألة الهجرة السلبية من مدينة حيفا بدأت تُطرح”، مضيفًا: “الحرب لا توصل إلى الخير، ولا أعلم إلى أين ستقودنا”.
ونقل الموقع عن مسؤولين في حيفا، أنّ “مدينة حيفا أصبحت مدينة الصواريخ التي لا تتوقف”، وأكّدوا أنّ “الأماكن هناك فارغة، والناس يائسون ويعيشون خوفًا وجوديًا، محبطون ويتذمرون”.
كذلك، أشاروا إلى أنّ “الأعمال عند شاطئ البحر في حيفا مغلقة، والناس تبحث عن بدائل، مع ارتفاع وتيرة الهجرة نحو الخارج”.
ومن الجدير ذكره أنّه طوال الشهر الفائت، تحدّث المسؤولون في كيان الاحتلال ووسائل إعلامهم عن صفارات الإنذار التي لا تهدأ في مدينة حيفا، وكيف باتت شوارع المدينة خالية من المستوطنين، وكيف تسبّب القصف الصاروخي بأضرارٍ مباشرةٍ هناك.
إلى ذلك، أكّد الجنرالان عوفر غوطرمان الباحث الكبير بمعهد أبحاث منهجية الاستخبارات، وديفيد سيمان طوف الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أكّدا أنّ “النجاحات التي حققتها الاستخبارات الإسرائيليّة في الأشهر الأخيرة في لبنان لا يمكن أنْ تطغى على الفشل الكبير الذي حدث يوم السابع من أكتوبر على حدود غزة، ويمكن اعتبار النجاح (هناك) والإخفاق (هنا) وجهان لعملة واحدة، فالاستخبارات العملياتية عالية الجودة التي تم بناؤها في العقدين الماضيين تأتي على حساب تآكل القدرات التقليدية للاستخبارات الاستراتيجية لفهم الواقع”، على حدّ تعبيريهما.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |