بقلم : عبد الله رشيد : *. أنا لم أشاهد العمل التلفزيوني الذي تعرضه قناة (إم. بي. سي) تحت اسم مسلسل (ام-هارون) لأنني، بغض النظر عن نية العاملين فيه، أعتبرُ كل من يشاهد هذا الفعل المشبوه ولا يقاطعه كأضعف الإيمان، هو مشارك في جريمة التطبيع مع الكيان المسمى "الدولة اليهودية" التي تغتصب فلسطين الحبيبة وتُدنس القدس الشريف والأقصى المبارك!..
ولكن الذين شاهدوا الحلقتين الأولى والثانية من هذا العمل الخبيث، أدركوا كمية الخُبث واللؤم والأمور المريبة والأفكار الهدَّامة التي يحملها هذا العمل المُريب في جعبته لترويجها ولتمرير فكرة القبول بالتطبيع مع الكيان الذي يسمى الدولة اليهودية!.. ومؤسف حقا أنه في اول يوم من صيام المسلمين وفي هذا الشهر الفضيل، تخرج إلينا عبر قناة خليجية من تُضِيءُ "شمعدان المينوراه اليهودية" وتُقسم بعصاة موسى!..
*. هذا العمل (أم هارون) والعمل الآخر الذي يُسمى (مخرج-7) هي أعمال خليجية مشبوهة وخبيثة تحاول إقناع الشارع الخليجي ب التطبيع مع "إسرائيل" ومع الدولة اليهودية التي تحتل فلسطين، وإيهام الشارع العام بأن الموضوع بسيط وعادي وأن اليهودي والإسرائيلي الذين يحتلون فلسطين الحبيبة ويدنسون القدس الشريف، هم إخوة لنا وبشر مثلنا!.. هذا مسحٌ لتاريخ طويل يمتد لأكثر من نصف قرن من الصراح التاريخي والأزلي مع العدو اليهودي الذي يحتل فلسطين!
نسوق هذه الحقائق على الرغم من إصابة بعض النفوس والعقول الخليجية بلوث وجراثيم التطبيع مع العدو اليهودي المغتصب لفلسطين، فأخذت تسب وتشتم الإخوة الأشقاء في فلسطين بحجة وزعم أن بعض الفلسطينيين الجهلاء يسيؤون للدول الخليجية!.. وهذا عذرٌ أقبح من ذنب!.. وتسطيح لقضية العرب والمسلمين الأولى.. ذلك لأن فلسطين والقدس قضية المسلمين والعرب الأولى، شاء من شاء وأبى من أبى!..
*. وللدلالة على أن (أم هارون) عملٌ مشبوه وخبيث وغير معروف الجهات التي تقف وراءه، يكفي أن نعرف أن الجيش اليهودي والمؤسسات الصهيونية وشخصيات وأطياف عصابة الدولة اليهودية الإرهابية التي تحتل فلسطين الحبيبة وتُنَجِّس الأقصى و القدس الشريف، هي الجهات تشيد بحياة الفهد وبعملها المشبوه (ام هارون)!... ونحن نقول لطاقم العمل: مبروك عليكم هذه الإشادة اليهودية.. هو عار يلاحقكم وهذا هو قدركم!
وللدلالة إيضا على أنه عمل خبيث ويراد به تمرير أفكار التطبيع مع العدو اليهودي، يكفي أن نورد الخطأ التاريخي الذي لا ولن يُغْتفر والمتمثل في ذلك المقطع من الحلقة الثانية من المسلسل والذي يتحدث عن تأسيس ما يسمى ب"دولة إسرائيل" عقب إنتهاء الانتداب البريطاني على "أرض إسرائيل" عوضا عن ذكر "دولة فلسطين" التي كانت موجودة في ذلك الوقت!.
*. إن استغلال الأعمال الدرامية لتغيير وتشويه الحقائق التاريخية أمر ليس بجديد.. فعندما حاولت أمريكا على سبيل المثال، تشويه صورة سكان القارة الأمريكية الأصليين الهنود الحمر، أمرت هوليوود بإنتاج الآلاف من الأفلام والمسلسلات وكلها أكاذيب تهدف إلى تمجيد الرجل الكاوبوي الأبيض ولتشويه تاريخ وصورة الهنود الحمر.. اليوم يرتكب المطبعون المنبطحون العرب والخليجيون نفس الجريمة بإنتاج أعمال مثل (ام هارون) و(حارة اليهود) و(مخرج7)، لتشويه القضية الفلسطينية والإساءة للشعب الفلسطيني وتمجيد اليهود والصهاينة الذين يغتصبون فلسطين!..
أفلام هوليوود عن الكاوبوي و الهنود الحمر كانت للتغطية على جرائم الرجل الأبيض الذي ارتكب أحد أبشع جرائم التطهير العرقي بحق سكان الأمريكيتين الأصليين وقضي على حوالي 20 مليون بريء من الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين!!.. ومسلسلات مثل (ام هارون) ومن قبل (حارة اليهود)، هي جرائم للتغطية على جرائم الدولة اليهودية في فلسطين المحتلة و القدس الشريف!..
إن من أخطر ما في العمل المشبوه (أم هارون) هو تمرير الموقف الصهيوني من حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، حيث أنّه حسبما جاء في بنود "صفقة القرن" فإنّه مقابل تهجير الفلسطينيين من وطنهم، فإنّ آلاف اليهود الذين عاشوا في البلاد العربية تم إضطهادهم وتهجيرهم بالقوة إلى الدولة الجديدة "إسرائيل"، وبالتالي فإنه تبعًا لذلك أصبح من حقهم الحصول على التعويض عن مزاعم لمعاناتهم وممتلكاتهم التي تركوها خلفهم، بل من حق "إسرائيل" أن تتلقى تعويضًا عن احتضانها لهم لعقود طويلة... تماما كما يحصلون على تعويضات من ألمانيا وحصلوا من قبل على تعويضات من سويسرا تحت مزاعم وادعاءات كاذبة ودجل ونصب واحتيال عن أكاذيب ما يسمى ب"الهولوكوست"!!... السيناريو البديل هو تسوية القضيتين ببعضهما، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيثما تواجدوا مقابل بقاء اليهود العرب في "وطنهم" الجديد. طبعاً هذه الإفتراءات الصهيونية لا تستند لأي دليل، بل إن العديد من الشواهد تؤكد أن العصابات الصهيونية وبتكليف من القيادة الصهيونية، وفِي ظل الحاجة إلى كم بشري لبناء الدولة الجديدة، عملت، وبكل الأساليب الإرهابية، على تحويل حياة اليهود في البلاد العربية إلى جحيم، ونشر الإشاعات حول خطر إستمرار وجودهم في بلاد العرب، لدفعهم إلى ترك أوطانهم والهجرة. وبالتالي فإنّ هذا المسلسل المسمى (أم هارون) ومن قبله "حارة اليهود" و "باب الحارة" تجاوزت حدود "التطبيع" إلى تبرير الوجود الصهيوني على أرض فلسطين، بل وتبرئتهم من جرائم التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، لأنّ هذه الجرائم جاءت في سياق رد الفعل!
عبد الله رشيد : إعلامي وصحفي إماراتي ومدير مكتب جريدة Gulf News في أبوظبي
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |