نابلس – نواف العامر – وكالة سند للأنباء: بينما لا تزال جرافات الاحتلال الإسرائيلي تنهش منازل ومباني مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمال الضفة الغربية، تفاجأ أهالي مدينة نابلس الأسبوع الماضي، بخبر نشرته صحيفة "هآرتس" يتحدث عن نية الاحتلال هدم 85 منزلا في مخيم العين الملاصق لأحياء المدينة، وذلك عقب اقتحامه وطرد عشرات العائلات من منازلها لعدة ساعات.
وعاش أهالي مخيم العين بمدينة نابلس، عدوانًا إسرائيليًا واسعًا ومفاجئًا الأربعاء الماضي، استمر نحو 14 ساعة متواصلة، شنت خلالها قوات الاحتلال عمليات اقتحام واسعة في منازل المخيم، وأجبرت عشرات العائلات على إخلاء منازلهم والنزوح منها.
المخيم الذي يحمل أسماء "مخيم العين" و"مخيم عين بيت الماء" و"مخيم رقم واحد" يعتبر وفق السجلات الرسمية ومسؤولي اللجنة الشعبية في المخيم، الأول الذي أقيم عام 1948 على مساحة ضيقة للغاية وسط ظروف قاسية، بينما لم تغب آمال العودة عن ذاكرة الأجداد والآباء والأحفاد.
وعلى وقع الخبر الذي يتردد صداه في مدينة نابلس، وسط تخوفات من دخوله حيّز التنفيذ، يرى محافظ المدينة غسان دغلس أن الاحتلال يستهدف مخيمات اللجوء بالضفة، مشيرًا لوجود "ضبابية" فيما يتعلق بالهدم في مخيم العين.
ويضيف دغلس في حديثه: "ربما يكون الأمر جسّ نبض وبالونات اختبار، لكننا نأخذ الأمور بجدية، وتواصلنا مع الجهات ذات العلاقة كلجنة الخدمات في المخيم".
وحول إمكانية التوجه للقضاء والمحاكم الإسرائيلية لمنع تنفيذ عمليات الهدم في المخيم، يصف دغلس الأمر بـ "حبّة القمح، كيف ننصفها وقضاتها من دجاج"، ويضيف: "القضاء الإسرائيلي بات لا يأبه بالاعتراضات والشكاوى القانونية، ورغم ذلك لدينا مشاورات مع لجنة الخدمات والوكالة، بينما ينصب تفكيرنا على إيواء شعبنا والخروج من هذه المرحلة".
ويشدد محافظ نابلس، على أن مخططات الاحتلال التدميرية ومنها استهداف المخيمات وآخرها مخيم العين، يمكن مجابهتها وإفشالها بما أسماه "معارك الحكمة ووحدة الصف والكلمة"، موضحًا أن الصمت والانتظار يغري المحتل بالمزيد من التدمير.
واعرب دغلس عن خشيته من الأطماع الإسرائيلية التي قد تستهدف مناطق (ب)، والتذرع بأعدادها السكانية المرتفعة وصولا للتحكم بكل مفاصل الحياة الفلسطينية.
من جهته، يشير نائب رئيس لجنة خدمات مخيم العين إبراهيم شطاوي، لعدم وجود تبليغات رسمية بالقرار القاضي بهدم 85 منزلا، وأن ما تم تداوله نشر في صحيفة هآرتس الاسبوع الماضي، ميقول: "فوجئنا بخرائط نشرت على جوجل ماب تشير لفتح طرق موسعة في أحياء المخيم ما يعني خطط للهدم".
ويكشف شطاوي خلال حديثه عن التخوف الحقيقي عند الجميع مما نشرته وسائل إعلام الاحتلال، موضحًا: "الارتباط الفلسطيني لا معلومات لديه حول ذلك، بينما نواصل التشاور مع محافظ المدينة، دعونا لا نستبق الاحداث، والمواطن يعيش بأعصاب مشدودة والخوف مما تحمله الأيام".
وذكر أن اللجنة الشعبية بالمخيم لم تصدر أية بيانات فيما يتعلق بهذا الأمر؛ "حتى لا نزيد الطين بلة وحفاظا على وحدة النسيج في المخيم وتماسك مجتمعه، وأمام أعيننا تجربة مريرية مؤخرا مع نزوح 85 عائلة الأسبوع الماضي تحت التهديد الإسرائيلي".
وخلص شطاوي، إلى أن الهدف هو وجود المخيم كرمزية لحق العودة كثابت وطني لا تفريط فيه، وتابع: "هناك معطيات جديدة تتعلق بمخيم الجلزون برام الله والدهيشة ببيت لحم، نشرت خرائط تتعلق بهما تحمل مخططات التغيير الجغرافي ما يعني أن المخيمات الفلسطينية مهددة في ساحة الضفة الغربية".
ويقطن مخيم العين وفق شطاوي زهاء 9300 لاجيء بضمنهم 3000 يسكنون في محيط المخيم الذي أقيم على مساحة 43 دونم فقط .
وأقيمت 4 مخيمات في محافظة نابلس عقب النكبة، وهي العين وبلاطة وعسكر القديم والجديد من إجمالي 19 مخيما موزعة على جغرافيا الضفة، وفق إحصائيات وكالة الغوث الدولية.
ويتفق المواطن أيمن واكد من مخيم العين، مع "شطاوي"، أن الاحتلال يهدف لإلغاء المخيمات وتغيير ملامحها تحت ذريعة توسعة الشوارع، لكن الخلاصة هي إزالة معالم النكبة، وفق قوله.
ويضيف "واكد": "عمليا وميدانيا لا نفهم الاستهداف سوى لإنهاء المخيمات، فمخيم العين حاليًا لا يضم مقاتلين أو مجموعات مقاتلة".
ويقول: "خلال الاقتحام الأخير، منعتنا سلطات الاحتلال من الخروج من منازلنا لساعات طويلة دون معرفة الأسباب".
وتعود جذور الاهالي حسب واكد إلى البروة ويافا وحيفا واللد والرملة والشمال والجليل وجسر الزرقا ووادي الحوارث وقيسارية ويازور وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية المهجرة إبان النكبة.
من جانبه، لا يذهب المختص بشؤون المخيمات واللجوء خالد منصور بعيدا عن سابقيه، ويرى أن ما جرى بمخيمات شمال الضفة سيجري على باقي مخيمات الضفة، ويقول: "الهدف الرئيس حق العودة وإزالة المخيمات من الوجود وتحويلها لأحياء تابعة للمدن او التجمعات القريبة".
ويؤكد منصور في حديثه أن "واقع الضفة المنشود والمهدد يتمثل بالتهجير الداخلي والانتقال من المخيمات للمدن والبلدات القريبة، وهو ما حصل في مخيمات الشمال، الوطن يعيش اللجوء وليس جغرافيا المخيمات فحسب".
ويبيّن منصور، أن مخيم العين يعد الأكثر اكتظاظا بالسكان على مستوى المخيمات، بواقع ستة أمتار للفرد الواحد، مقابل 40 مترًا في عقبة جبر بأريحا، ومخيم الفارعة حوالي 25 مترًا، وبمخيم بلاطة 15.
ويروي لنا: "عند وفاة مواطن في مخيم العين يتم نقله على الفراش والأغطية؛ نظرا لضيق الأزقة والشوارع".
ويختم بالقول: "تتهم المخيمات بأنها موطن "العنف والارهاب" مع التغافل عن كونه نتيجة حتمية لما فعلوه بالشعب الفلسطيني على مدار عقود".
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |