واشنطن - سعيد عريقات - ذكرت صحيفة "واشنطن بوسـت " السبت أن قبل سنوات من هجوم 7 تشرين الأول 2023، خطط قادة حماس لموجة أكثر فتكًا من الهجمات ضد إسرائيل - بما في ذلك إسقاط ناطحة سحاب على غرار 11 أيلول (2001) في تل أبيب - بينما ضغطوا على إيران للمساعدة في تحقيق رؤيتهم في إبادة إسرائيل، وفقًا لوثائق استولت عليها القوات الإسرائيلية في غزة واطلعت عليها الصحيفة.
وتقول الصحيفة "تُظهر السجلات والأوراق الإلكترونية التي يقول المسؤولون الإسرائيليون إنها تم استردادها من مراكز قيادة حماس تخطيطًا متقدمًا لهجمات باستخدام القطارات والقوارب وحتى العربات التي تجرها الخيول - على الرغم من أن العديد من الخطط كانت سيئة التكوين وغير عملية للغاية، كما قال خبراء الإرهاب، أن هذه تراهن على جذب الجماعات المسلحة المتحالفة لشن هجوم مشترك ضد إسرائيل من الشمال والجنوب والشرق".
وبحسب الصحيفة، تتضمن مجموعة الوثائق هذه عرضًا توضيحيًا يشرح الخيارات المحتملة للهجوم بالإضافة إلى رسائل من حماس إلى كبار قادة إيران في عام 2021 تطلب مئات الملايين من الدولارات لتمويل وتدريب 12000 مقاتل إضافي من حماس. ولم يتضح بعد ما إذا كانت إيران على علم بوثيقة التخطيط أو ردت على الرسائل، لكن المسؤولين الإسرائيليين ينظرون إلى الطلبات باعتبارها جزءاً من جهد أكبر من جانب حماس لجر حلفائها الإيرانيين إلى نوع المواجهة المباشرة مع إسرائيل التي سعت طهران تقليدياً إلى تجنبها.
تقول الصحيفة: "إن الصفحات الـ 59 من الرسائل ووثائق التخطيط باللغة العربية التي حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست تمثل جزءاً ضئيلاً من آلاف السجلات التي تقول قوات الدفاع الإسرائيلية إنها صادرتها منذ بدء الغزو البري الإسرائيلي لغزة في 27 /تشرين الأول".
يشار إلى قرار الكشف عن هذه الوثائق جاء في وقت يدرس فيه زعماء إسرائيل توجيه ضربة انتقامية محتملة بعد أن أطلقت إيران أكثر من 180 صاروخاً باليستياً ضد إسرائيل في الأول من تشرين الأول، رداً على اغتيال مسؤول المكتب السياسي في حركة حماس، اسماعيل هنية في طهران يوم 31 تموز الماضي، واغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، يوم 27 أيلول الماضي.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي اطلع على الرسائل ووثائق التخطيط للصحيفة شريطة الحفاظ على سرية هويته: "حماس عازمة على محو إسرائيل والشعب اليهودي من على الخريطة لدرجة أنها تمكنت من جر إيران إلى صراع مباشر ــ في ظل ظروف لم تكن إيران مستعدة لها".
وتكشف المحاضر، بحسب المصدر ذاته، أن حماس خططت في البداية لتنفيذ هجومها على إسرائيل في خريف 2022، لكنها أجلت الخطة في محاولة لإقناع حلفائها الإقليميين إيران وحزب الله بالمشاركة.
وتدعي الوثائق التي تتحدث عنها صحيفة واشنطن بوست أنه في تموز 2023، أرسلت حماس مسؤولا كبيرا إلى لبنان للقاء قائد إيراني رفيع المستوى، وطلب من (القائد الإيراني رفيع المستوى) المساعدة في ضرب مواقع حساسة، خلال الساعة الأولى من الهجوم.
وأخبر القائد الإيراني حماس أن إيران وحزب الله يدعمن خطط حماس من حيث المبدأ، لكنهما بحاجة إلى مزيد من الوقت للتحضير.
كما خططت الحركة أيضا لمناقشة الهجوم بمزيد من التفصيل مع حسن نصر الله، زعيم حزب الله، الذي اغتالته إسرائيل يوم 27 أيلول الماضي)، لكن الوثائق لا توضح ما إذا كان هذا الاجتماع قد حدث بالفعل، وفقا للصحيفة.
وتقول الصحيفة، إن الحركة اعتمدت إستراتيجية محكمة لخداع إسرائيل بشأن نواياها، إذ تجنبت عمدا إثارة أي مواجهات وتفادت التصعيد لمدة عامين منذ 2021، بهدف تعظيم عنصر المفاجأة في هجوم 7 تشرين الأول، إذ ذكر القادة في اجتماعاتهم، أن من الضروري "إبقاء العدو مقتنعا بأن حماس في غزة تريد الهدوء"، وفقا للوثائق.
وكان التوقيت وعوامل أخرى حاسمة في قرار حماس بتنفيذ الهجوم، حيث توضح الوثائق أن قادة حماس ناقشوا إمكانية شن الهجوم خلال الأعياد اليهودية، في أيلول أو تشرين الأول 2023.
وأثرت عوامل أخرى على قرارهم، بما في ذلك الرغبة في تعطيل جهود تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، والقلق من تطوير إسرائيل لنظام دفاع جوي متطور جديد.
بالإضافة إلى ذلك، لفت قادة حماس إلى أن "الوضع الداخلي" لإسرائيل ـ في إشارة على ما يبدو إلى الاضطرابات التي أحدثتها خطط رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، المثيرة للجدل لإصلاح القضاء - كان من بين الأسباب التي "أجبرتهم على التحرك نحو معركة إستراتيجية".
وذكرت الصحيفة أنه تم العثور على الوثائق من قبل الجنود الإسرائيليين في أواخر شهر كانون الثاني 2024 ، على جهاز كمبيوتر خلال تفتيش مركز قيادة تحت الأرض تابع لحماس في خان يونس، جنوب غزة.
"وتشمل هذه الخطط، إلى جانب الخطة لإسقاط ناطحة سحاب في تل أبيب على غرار هجمات 11 أيلول، استهداف شبكة السكك الحديدية الإسرائيلية باستخدام قطارات محملة بالمتفجرات، بالإضافة إلى تحويل قوارب الصيد إلى زوارق هجومية سريعة، واستخدام عربات تجرها الخيول لنقل المقاتلين والأسلحة، حسبما أوردت الصحيفة.
وتدعي إسرائيل أن يحيى السنوار في رسالته إلى كبار المسؤولين الإيرانيين في عام 2021، طلب فيها من طهران 500 مليون دولار على مدى عامين، إضافة غلى تدريب وتجهيز 12 ألف مقاتل إضافي من حماس" 20 مليون كل شهر (لمدة عامين) ، واعدا الرسائل المزعومة، بأنه بدعم من إيران، يمكن لحماس تدمير إسرائيل بالكامل خلال عامين، قائلاً: "نعدكم بأننا لن نضيع دقيقة أو قرشاً ما لم يقربنا من تحقيق هذا الهدف المقدس".
وذكرت واشنطن بوست، أن بالرغم من أن الوثائق تظهر طموحات حماس الكبيرة في ضرب إسرائيل، يصف خبراء بعض هذه الخطط بأنها غير عملية وغير مكتملة، في حديثهم للصحيفة.
وكشفت الوثائق أيضا عن تغير في العلاقة بين حماس وإيران منذ عام 2014، حيث سعت حماس للحصول على مزيد من الدعم الإيراني، بينما أظهرت إيران اهتماما أكبر بتوجيه كيفية إنفاق الأموال.
ورغم أن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين يعتقدون أن إيران فوجئت بهجوم 7 تشرين الأول ولم تكن على علم بتفاصيله مسبقا، إلا أنهم يرون أن كلا من طهران وحزب الله كانا على دراية بأن حماس كانت تعد لضربة كبيرة، وفقا للصحيفة.
وفي ردها على التقرير، نفت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة صحة الادعاءات، متهمة إسرائيل بنشر معلومات مضللة.
وقال متحدث باسم البعثة: "نحن نعتبر النظام الإسرائيلي كياناً إجرامياً كاذباً ومعادياً للإنسانية، ولا نصدق أوهامهم. لديهم تاريخ طويل في نشر الأكاذيب، واختلاق وثائق مزيفة بالفعل، وإجراء عمليات نفسية خادعة".
وكان الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول، والذي تم التخطيط له على مدى أشهر عديدة وسط سرية شديدة، بمثابة خرق متزامن لجدار غزة من قبل ما يقدر بنحو 3000 مقاتل هاجموا القواعد العسكرية الإسرائيلية القريبة والبلدات والكيبوتسات، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص، بينهم 311 جندي، واحتجاز حوالي 250 رهينة. وكان الهجوم، الذي كان من بنات أفكار السنوار وغيره من قادة الجناح العسكري لحماس في غزة، هو الهجوم الأكثر جرأة وفتكا ضد إسرائيل.
. " القدس"
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |