تلفزيون نابلس
كوكا كولا
بسبب دورها في دعم الحرب على غزة.. احتجاجات متصاعدة داخل "مايكروسوفت"
4/19/2025 9:52:00 PM

 قالت صحيفة "الغارديان" أن شركة مايكروسوفت، عملاق التكنولوجيا الأمريكي، شهدت سلسلة من الاحتجاجات المتصاعدة من قبل موظفيها الحاليين والسابقين، احتجاجاً على ما وصفوه بتواطؤ الشركة في الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.


وبرزت هذه التحركات في لحظة مفصلية تعكس تحوّلاً عميقاً في علاقة موظفي التكنولوجيا بقضايا السياسة الدولية وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

مظاهر الاحتجاج: من المنتديات الإلكترونية إلى مواجهة المدراء التنفيذيين

بدأت الاحتجاجات بصيغ ناعمة في منتديات داخلية مثل "فيفا إنغيج"، حيث عبّر الموظفون عن قلقهم بشأن تورط تقنيات الشركة في النزاع. غير أن هذا القلق اتخذ لاحقاً طابعاً أكثر علنية وتصعيداً، لا سيما خلال فعالية الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس مايكروسوفت في 4 نيسان/ أبريل. ففي تلك المناسبة، قاطعت الموظفتان ابتهال أبو سعد وفانيا أغراوال، المدير التنفيذي الجديد للذكاء الاصطناعي، مصطفى سليمان، ما أدى إلى طردهما لاحقاً خلال أيام.

وكانت هذه الحادثة الثانية خلال شهر، إذ شهدت فعالية في 20 آذار/ مارس احتجاج موظف حالي وآخر سابق ضد كل من براد سميث، رئيس الشركة، وستيف بالمر، المدير التنفيذي الأسبق.

وقد رُفعت لافتات تتهم مايكروسوفت بـ"تمكين الإبادة الجماعية"، في إشارة إلى استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية التي تقدمها الشركة.

جذور السخط: من منتديات الموظفين إلى الطرد والضغط النفسي

تعود جذور الاحتجاجات إلى نقاشات امتدت لأكثر من عام داخل منتديات الشركة ورسائل البريد الإلكتروني.

وأشارت شهادات لموظفين تحدثوا إلى صحيفة الغارديان إلى أجواء متوترة، يتهم فيها منتقدو "إسرائيل" داخل الشركة بمحاباة "الإرهاب"، فيما لا تُفرض الرقابة ذاتها على الخطابات المؤيدة للاحتلال، ما خلق شعوراً بالازدواجية والانحياز.

كما تحدث موظفون عن مراقبة مستمرة من إدارة "علاقات الموظفين" داخل مايكروسوفت، والتي تُعنى بمراقبة الخطابات الداخلية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ووجهت تنبيهات للبعض بسبب استخدام مصطلحات مثل "التطهير العرقي" و"الإبادة الجماعية" في وصف ما يجري في غزة.

الإقالات وتداعياتها: هل يكلفك ضميرك مهنتك؟

الاحتجاجات لم تمر دون ثمن. فإلى جانب أبو سعد وأغراوال، تم فصل مهندسين آخرين، منهم حسام نصر وعبدو محمد، عقب مشاركتهم في وقفات احتجاجية تضمنت فعالية في 24 تشرين الأول/ أكتوبر حداداً على الضحايا الفلسطينيين.

أبو سعد، مهندسة برمجيات في مجال الذكاء الاصطناعي، صرّحت بأن تقارير إعلامية، خاصة تحقيق "أسوشييتد برس"، شكّلت نقطة تحول لديها، حين أظهرت استخدام تقنيات الشركة بشكل مباشر في عمليات استهداف في غزة.

وقالت: "لا يمكنني أن أستمر في العمل وكأنني غير معنية. لا أعرف إن كانت شيفراتي تُستخدم في غزة، لكن لا أستطيع التأكد أن راتبي لا يأتي من أموال مصدرها الحكومة الإسرائيلية".

"لا لآزور للفصل العنصري": من مقاومة رقمية إلى حركة منظمة

في محاولة لجمع الأصوات الرافضة، أطلق موظفون، بقيادة نصر وآخرين، حملة بعنوان "لا لآزور للفصل العنصري"، في إشارة إلى منصة مايكروسوفت السحابية (Azure). طالبت الحملة بإنهاء العقود مع الجيش الإسرائيلي، والكشف العلني عن طبيعة العلاقة التعاقدية بين الشركة والحكومة الإسرائيلية.

وقد أيدت حركة المقاطعة الدولية BDS الحملة، وأعلنت في 3 نيسان/ أبريل عن إدراج مايكروسوفت ضمن أهدافها بسبب "اعتماد الجيش الإسرائيلي الكبير على تقنيات الشركة في عملياته العسكرية".

إرهاق الموظفين وصمت الإدارة

تشير التقارير إلى إرهاق نفسي متزايد بين الموظفين المشاركين في الحملة، وسط شعور بالخذلان من قيم الشركة التي طالما رُوج لها، مثل "الاحترام المتبادل" و"حقوق الإنسان". وقالت موظفة في الشركة للغارديان: "كل ما يهمهم هو الربح... الذكاء الاصطناعي والعمل، العمل، العمل".

يُذكر أن مايكروسوفت لم تصدر أي تعليق رسمي على هذه التطورات رغم الطلبات المتكررة من الصحفيين، ما يزيد من الغموض المحيط بموقفها الداخلي.

أزمة أخلاقية في صلب التكنولوجيا العالمية

تأتي احتجاجات مايكروسوفت في سياق أوسع من تصاعد الحركات داخل كبرى شركات التكنولوجيا التي بات موظفوها يرفضون الصمت إزاء استخدام منتجاتهم في الأغراض العسكرية أو القمعية. وسبق لمايكروسوفت نفسها أن أوقفت تعاملاتها التجارية مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في ثمانينيات القرن الماضي، لأسباب أخلاقية. ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، لكن بثقل أكبر، نظراً لحجم الشركة اليوم وتأثيرها.

وفي ظل تصاعد الحملة، تُطرح أسئلة أخلاقية جديدة على قطاع التقنية: هل بإمكان التكنولوجيا أن تظل "محايدة"؟ وهل يملك مهندسو البرمجيات رفاهية تجاهل استخدامات ما يبتكرونه؟ في مايكروسوفت، يبدو أن البعض لم يعد قادراً على تحمل هذا الصمت.

تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة