12/3/2024 9:40:00 AM
قالت نقابة المهندسين ان القطاع الهندسي في الضفة الغربية شهد خلال النصف الأول من عامي 2023 و2024 تراجعًا ملحوظًا في حجم العمل والمشاريع الهندسية المسجلة لدى نقابة المهندسين. وفقًا للبيانات المتاحة، انخفض حجم العمل الهندسي بنسبة 39% في عام 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2023، حيث تقلصت المساحة الإجمالية للمشاريع من 2,505,947 متر مربع إلى 1,527,762 متر مربع. هذا التراجع يعكس تأثير الوضع السياسي والاقتصادي اللذان عانت منها المنطقة، خاصة حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة والضفة الغربية، والتي تسببت في حالة من عدم الاستقرار في المنطقة والذي انعكس سلبا على الاستثمار في قطاع الإنشاءات.
ولم يكن الانخفاض في حجم العمل وحده البارز، إذ تراجع عدد المشاريع الهندسية الجديدة أيضًا بشكل كبير. ففي النصف الأول من عام 2023، تم تسجيل 5,575 مشروعًا، في حين انخفض هذا العدد في عام 2024 إلى 3,341 مشروعًا بالمقارنة بنفس الفترة، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 40%. هذا التراجع لم يقتصر على فئة معينة من المشاريع، حيث انخفضت مشاريع الأبنية السكنية، التي تشكل الغالبية العظمى من المشاريع الهندسية، بنسبة 41% من 5,186 مشروعًا في النصف الأول من عام 2023 إلى 3,073 مشروعًا في عام 2024 لنفس الفترة. كما شهدت باقي المشاريع، التي تشمل القطاعات التجارية والصناعية والزراعية والفنادق والمستشفيات، تراجعًا بنسبة 31%، مع انخفاض عددها من 389 مشروعًا إلى 268 مشروعًا.
وشهدت المشاريع الكبرى التي تزيد مساحتها عن 10,000 متر مربع انخفاضًا حادًا خلال النصف الأول من عام 2024، حيث تم تسجيل مشروعا واحدا فقط مقارنة بأربعة مشاريع كبرى تم تسجيلها في نفس الفترة من عام 2023، مما يشير إلى تراجع بنسبة 75%. هذا التراجع في المشاريع الكبرى يمكن أن يعزى إلى الظروف الاقتصادية الصعبة والاضطرابات السياسية التي تسببت في تأجيل أو إلغاء المشاريع الضخمة التي تتطلب استثمارات كبيرة واستقرارًا نسبيًا لتنفيذها.
ورغم هذا التراجع في حجم المشاريع وعددها، شهد عدد المهندسين المسجلين في المكاتب الهندسية زيادة خلال عام 2024. فقد ارتفع عدد المهندسين المسجلين من 3,800 مهندس في عام 2023 إلى 4,151 مهندس في عام 2024، مما يعكس زيادة بنسبة 9%. جاء ذلك نتيجة لفقدان العديد من المهندسين وظائفهم لدى المؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني التي انخفض تمويلها بشكل ملحوظ، حيث أدى ذلك إلى توجههم إلى العمل الاستشاري.
هذا وقد عقبت م. نادية حبش، نقيبة المهندسين على هذه النتائج بأن حالة التراجع هذه سببها بالأساس استمرار الاحتلال الإسرائيلي الغاشم والتصعيد الأخير لعدوانه على قطاع غزّة والإبادة الجماعية التي لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً والاجتياحات والتدمير المرافق لها لمدن وقرى ومخيمات الضفة وتقطيع أوصال الوطن بفرض الحواجز وتقييد الحركة والاعتقالات والتي كان للمهندسين والمهندسات منها نصيب.
إضافة لذلك فإنّ تقليص التمويل الخارجي للمشاريع والضائقة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية قد حدّ من طرح العطاءات للمشاريع العامّة والمشاريع الكبرى، مما قلل من فرص العمل ومن حجم العمل الهندسي، حيث اقتصر في معظمه على مشاريع القطاع الخاص والتي أيضا تقلصت بسبب الظرف السياسي الاقتصادي العام وعدم الاستقرار وانخفاض القدرة الشرائيّة لعدد كبير من المواطنين وتحديدا موظفي القطاع العام مما ترك أثره على السوق العقاري.
وفي هذا السياق، يؤكد المهندس يونس الأعرج رئيس هيئة المكاتب والشركات الهندسية، أن جميع الدراسات والمدارس الاقتصادية تشير إلى أن ازدهار ونمو اقتصاد الدول مرتبط بتعافي قطاع الإنشاءات بشقيه الاستشاري والمقاولات. ويقول إن هذا ما ثبت عبر السنين، وما يدل على ذلك في وطننا هو التراجع الملحوظ في العمل بقطاع الإنشاءات، الذي يظهر بوضوح في إحصائيات نقابة المهندسين، ويشير إلى تراجع كبير في العمل الهندسي في فلسطين. وأوضح المهندس يونس الأعرج أن الإحصائيات تشمل كافة المحافظات الشمالية، إلا أن الجزء الشمالي منها شهد تراجعًا أكبر نظرًا لتركيز العدوان عليه رغم شمولية الاعتداءات لكافة المحافظات.
وأضاف الأعرج أن تحقيق الأمان والسلام يعد شرطًا أساسيًا لتحقيق الازدهار، فلا يمكن أن تزدهر الاقتصاديات في ظل الحصار والدمار المستمر. وتابع موضحًا أن تراجع العمل الهندسي، خصوصًا في مجال الاستشارات الهندسية، أدى إلى معاناة المكاتب الهندسية من ضائقات مالية أثرت على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه المهندسين والعاملين فيها، مما زاد من الأعباء المالية على أصحاب المكاتب.