"مركز القدس": تخصيص المراعي.. مخطط جديد لنهب الأراضي الفلسطينية
3/13/2025 2:50:00 PM
قال مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، إنه في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال حملة عسكرية واسعة للقتل والقمع والتنكيل بحق سكان شمال الضفة، والتي أدت إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين وهدم مئات المنازل وتشريد عشرات الآلاف من السكان، تنشغل إدارة الجيش وأجهزتها في الضفة بالإعلان عن إجراءات وأوامر عسكرية تمعن في سياسة التطهير العرقي وأفراغ الأرض الفلسطينية من سكانها تمهيدًا لضمها للمستوطنات الإسرائيلية، بهدف تعزيز مخطط الضم الكامل لدولة الاحتلال.
وأضاف المركز أن ذلك يترافق مع تواطؤ قوات الاحتلال وأجهزة "فرض القانون" التابعة لها مع هجمات المستوطنين المتصاعدة، وذلك بالسكوت عنها أحيانًا، والمشاركة النشطة فيها وبشكل فاضح أحيانًا أخرى، ضمن هذا السياق، سيطر مستوطنون وبتواطؤ من قوات الاحتلال على 1520 رأس غنم تعود لمزارعين فلسطينيين في منطقة العوجا شمال أريحا مساء يوم الجمعة الفائت 7/3/2025. شكلت عملية السيطرة هذه نقلة نوعية من حيث عدد المواشي المستهدفة خلال ليلة واحدة.
وأشار المركز أنه تزامنًا مع هذا التصعيد، أعلن من يسمى بالمسؤول عن أملاك الدولة وأملاك الغائبين في الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال في 10 شباط 2025 عن نيته الموافقة على طلبات تخصيص أراضٍ لأغراض الرعي، تبلغ مساحتها أكثر من 16000 دونم في الأغوار الشمالية ومنطقة سلفيت وشرق رام الله، في ظل توقعات بقرب إصدار إعلانات مشابهة تطال مساحات إضافية من أراضي مناطق أخرى في الضفة الغربية المحتلة لتعزيز ما بات يعرف بالاستيطان الرعوي في القريب العاجل، يأتي الإعلان المذكور لإضفاء نوع من "الشرعية" من وجهة نظر قانون دولة الاحتلال على قيام الجهة المعلنة بتأجير مناطق واسعة مما تعتبره "أراضي دولة" للقائمين على مزارع المواشي التي يقيمها مستوطنون خارج المستوطنات ضمن ما بات يسمى الاستيطان الرعوي، والذي شكل نقلة نوعية في السيطرة الاحتلالية على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين الواقعة في المنطقة المصنفة "ج" وفقًا لاتفاقيات أوسلو.
وبين أن الإعلان عن النية بالموافقة على هذه الطلبات أتاح "وفق نصه" الفرصة لمن يرى نفسه متضررًا أن يتقدم باعتراض عليه خلال شهر من تاريخ صدوره. لكن، بما أن الاعتراضات المتعلقة بالأراضي عادة ما ترتكز على قضيتين؛ أولاهما الملكية، وهي غير متوفرة غالبًا بنظر سلطات الاحتلال في هذه الحالة لتعاملها مع الأراضي المعلن عنها كأملاك دولة، فإن مهلة الاعتراض على تصنيفها المذكور قد انقضت. وفي حال توفر علاقة ملكية للأرض، فإن استصدار وثائق الملكية من دوائر الإدارة المدنية يتطلب وقتًا طويلاً ويجابه بإجراءات تعجيزية خلال هذه الفترة. والثانية متعلقة بتحقق شرط الضرر العام، وهذا من أصعب المواضيع في الإثبات أمام قضاء الاحتلال، وغالبًا ما كان يتم رفض هذا الادعاء في قضايا سابقة.
ماذا يعني كل ذلك؟
وأكد المركز: الإعلان المذكور يطال مساحات من الأراضي تقع ضمنها تجمعات سكانية فلسطينية سيصبح وجودها مهددًا بالكامل، وفي حال الإقرار ببقائها، فإن السكان الفلسطينيين في هذه التجمعات سيجدون أنفسهم ومواشيهم وأراضيهم الزراعية محاصرين ومقيدي الحركة، ومحرومين من الرعي والاعتناء بالأرض الزراعية، واللذين يشكلان عماد رزقهم وبقائهم. كما أن الإعلان سيمنح شكلًا قانونيًا لوصول المستوطنين إلى اعتاب البيوت الفلسطينية، وبالضرورة، فإن ذلك يترافق مع اعتداءات بحق سكانها الفلسطينيين وإجراءات "أمنية" صارمة من قبل قوات الاحتلال وأمن المستعمرات، مما يهدد بترحيلهم.
بموجب الإعلان، قال المركز إن تخصيص الأراضي كمراعي للمستوطنين ضمن سياسة دعم الاستيطان الرعوي المعلنة من قبل وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش سيجعل أي استخدام لتلك الأراضي من قبل الفلسطينيين "إذا سمح لهم بالبقاء عليها" مخالفًا للقانون واعتداءً على حقوق من خصصت الأراضي لاستخدامهم. وبذلك، فإنه في حال إقامة أي منشأة على هذه الأرض من قبل المالك الأصلي، سيتم التعامل معها كمخالفة جنائية، وليس كمخالفة لقانون التنظيم والبناء، ومن الممكن أن يتم الهدم دون توجيه إخطار وقف عمل أو إجراءات تقاضي، بالإضافة لإمكانية تحرير مخالفات لاستخدام الأرض في مجالات مغايرة لإعلان التخصيص.
وبين المركز: إضافة إلى ذلك، فإنه في حال شملت تلك الإعلانات والأوامر العسكرية مساحات من الأراضي الخاصة التي لم يثبت أنها معلنة أو أنها قيد التصنيف كأراضي دولة، فإن ذلك سيعزز إعلانها أراضي متروكة، ومن ثم فرصة إعلانها أراضي حكومية أو أراضي دولة، وذلك بافتراض غياب فلاحة الأرض من أصحابها لفترات زمنية متواصلة.
وأوضح: تتزامن الإجراءات الاحتلالية المذكورة مع إعلانات رسمية من سياسيي حكومة الاحتلال عن نيتهم ضم الضفة الغربية، أو على الأقل المناطق المصنفة "ج" منها، لذا فإننا نرى أن هذه الإجراءات تهدف إلى ترحيل المواطنين الفلسطينيين عن المناطق المستهدفة لإحكام السيطرة عليها تمهيدًا لضمها، الأمر الذي يتنافى مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على دولة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة، ومع الرأي الاستشاري الأخير الصادر عن محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو الماضي الذي اعتبر الاحتلال غير قانوني ودعا إلى إنهائه في أسرع وقت، ويتنافى مع عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي دعت إلى إنهاء الاحتلال ومنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره.
وأضاف: إن قوة الاحتلال وحسب أحكام وقواعد القانون الدولي الإنساني، وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، متاح لها "إدارة" الأراضي المصنفة أراضي عامة أو أراضي دولة للمصلحة العامة لسكان الإقليم المحتل، وليس المساس بها بشكل يجعل منها أداة لتمييز فئة سكانية على أخرى، بل وعلى المدى البعيد مصادرة هذه الأراضي بحكم الأمر الواقع.
ورأى مركز القدس أن تفعيل هذه الأدوات يشكل انتهاكًا صارخًا لحق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره على ترابه الوطني، وحقه الجماعي في استخدام موارده الطبيعية كما يراه، وذلك وفقًا لأحكام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. ويؤكد المركز، كما تؤكد الوقائع، أن تصعيد هذه السياسة يهدف وبشكل لا لبس فيه إلى زيادة "مخزون" الأراضي المخصصة للمشروع الاستعماري من جهة، وإلى تضييق سبل العيش على المواطن الفلسطيني خدمة لمخططات الترحيل المباشرة وغير المباشرة من الأراضي المحتلة، والتي تعتبر شكلًا من أشكال التطهير العرقي.
وعليه، فإن المركز رأى في هذه الأوامر العسكرية والممارسات المقترنة بها أنها تشكل مخالفات جسيمة لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان الطبيعية، مما يستوجب معه ليس فقط استنفاذ كافة طرق الدفاع القانوني المحلية والدولية، بل أيضًا تبني خطط وأدوات وطنية تهدف إلى حماية الأرض الفلسطينية والتجمعات الفلسطينية عليها.